حنان | قصة

حنان



كان والد حنان رجلًا مثقفًا يشاهد كل قنوات التلفزيون ويقرأ معظم الصحف، ولهذا تعلَّمَ أن يشتري لابنته الوحيدة الكثير من الكتب كلما سنحت الفرصة. وهكذا تمتَّعَت حنان بين المحيطين بألقاب"المثقفة" و"القارئة" و"دودة الكتب"، التي شجَّعَتها بعد ذلك على الوصول إلى التهام ثلاثة كتب يوميًّا على الأقل.

وكانت الأمور تمضي بخير حتى تكررت شكاوي حنان من المغص الشديد والزيادة المفرطة في الوزن، لكن الفحوصات قالت إن كل ما هنالك هو أن بعض الكتب كانت فقط صعبة الهضم، وكانت صفحاتها تسبب الكثير من الانتفاخات، لهذا نصح الأطباء بضرب تلك الكتب مع الكثير من المياه في الخلاط وشربها كعصائر بدلًا من التهامها، لكن بعض الكتب ظلَّت أكبر من أن يستوعبها إناء الخلاط.

مع الكتب من هذا النوع كانت حنان تلجأ كثيرًا إلى المُليِّنات، وكان الأمر ينجح قليلًا في البداية عندما كانت الكتب الكبيرة تخرج من أمعائها ببطء ومشقة، كلمةً كلمةً بالترتيب وبالتشكيل الذي يفرضه الموقع من الإعراب، لكن مع الوقت صارت السطور تخرج كاملةً كما هي، من المبتدأ أو الفِعل إلى النقاط وعلامات الاستفهام والتعجُّب في نهايات الجمل.

ولم تُقلع حنان حتى الآن عن عادة التهام الكتب، رغم تعرُّض حياتها للخطر المحقق عدة مرات، حين كانت بعض الكتب تأبى أن تخرج من بطنها إلا بكامل هيئاتها من الغلاف إلى الغلاف.


سبتمبر 2019

تعليقات

اختيارات قراء هذا الأسبوع